
بقلم الدميني
تواجه الأندية السعودية المشاركة في الأدوار النهائية من دوري أبطال آسيا للنخبة أزمة حقيقية بسبب الإصابات المتلاحقة التي ضربت صفوفها، في ظل تحديد القائمة الآسيوية بـ 25 لاعبًا فقط، ما وضع مدربي الهلال والنصر أمام معضلة معقدة.
في الهلال، يجد المدرب البرتغالي جيسوس نفسه مضطرًا لمواجهة باختاكور الحاسمة بـ 15 لاعبًا فقط من أصل 24 لاعبًا في القائمة، بعد غياب تسعة لاعبين بداعي الإصابة، بينهم ثلاثة حراس مرمى، ما يعني فعليًا أن لديه 12 لاعبًا فقط جاهزين للمشاركة داخل الملعب.
أما في النصر، فالوضع ليس أفضل حالًا، إذ يغيب عن الفريق سبعة لاعبين للإصابة قبل مواجهة الاستقلال المصيرية، تاركًا للمدرب الإيطالي بيولي 17 لاعبًا فقط، بينهم ثلاثة حراس مرمى، ليصبح الفريق منقوصًا قبل حتى أن تبدأ المباراة.
مرارًا وتكرارًا حذرنا من أن قرار تقليص قوائم الأندية إلى 25 لاعبًا فقط، قرار غير مدروس ولا يخدم الفرق السعودية التي تنافس قاريًا، خاصة في ظل ازدحام الجدول المحلي وتعدد البطولات. مع تلاحق المباريات، تصبح الإصابات أمرًا متوقعًا بل حتميًا، وهو ما يترك المدربين بلا حلول على دكة البدلاء.
جيسوس اضطر سابقًا لاستدعاء أربعة لاعبين من فريق الشباب، واليوم قد يجد نفسه مضطرًا لاستدعاء المزيد لتعويض إصابات مالكوم وسافيتش والبليهي وغيرهم.
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف فكر الاتحاد السعودي لكرة القدم عندما أقر هذا القرار؟ وعلى أي معايير استند؟ في نقاش سابق مع أحد أعضاء الاتحاد، وهو صاحب خلفية فنية جيدة، أشار إلى أن القرار جاء تقليدًا للدوريات الأوروبية الكبرى.
لكن ما تجاهله هذا العضو، وتجاهله بقية أعضاء المجلس، أن الدوريات الأوروبية تمتلك فرقًا رديفة (تحت 23 عامًا) يمكن للمدرب الاستعانة بها في أي وقت، وهو ما لا يتوفر لدينا، حيث يقفز اللاعب من فريق الشباب (تحت 18 عامًا) مباشرة إلى الفريق الأول أو يذهب إلى منزله.
كما أن الدوريات الأوروبية لا تعاني من بطولات العرب والخليج، ولا يواجه مدربوها توقفات طويلة بسبب تجمعات المنتخبات، كما يحدث لدينا، ما يرهق اللاعبين ويضغط الموسم بشكل قاتل.
بحسب معلومات مؤكدة، الهلال والنصر أبديا اعتراضهما مرارًا على هذا القرار منذ إقراره، وطرحا وجهات نظر أكثر واقعية وعمقًا مما قُدم على طاولة الاجتماع، لكن لم يؤخذ بها. واليوم يدفع الناديان ثمن هذا التجاهل، بعد أن اضطرا لاستبعاد أسماء بحجم محمد البريك وسلمان الفرج ومحمد جحفلي في الهلال، ومختار علي ومشاري النمر في النصر، فقط من أجل تقليص القائمة.
وفي ظل استمرار مسلسل الإصابات، قد نصل إلى مرحلة نشاهد فيها الأندية تلعب بقوائم غير مكتملة.
الأمر لا يقتصر على الهلال والنصر، فالأهلي أيضًا يعاني من كثرة الإصابات، والاتحاد كذلك وإن كان في وضع أفضل نسبيًا بسبب عدم مشاركته في النسخة الحالية من دوري أبطال آسيا.
إذا أردت تقليد الدوريات الأوروبية في قراراتها، فلا بد أولًا من دراسة ظروف الدوري المحلي جيدًا، من حيث التنظيم وعدد البطولات ومدة التوقفات، وهل كل ذلك يشبه أوروبا أصلًا؟
للأسف، نحن نقلد أوروبا في الشكل، ونغفل عن الجوهر، والدليل قرار إلغاء الدوري الأولمبي ثم العودة إليه لاحقًا، بعد أن تسبب ذلك القرار في فقدان أكثر من 800 لاعب وجدوا أنفسهم بين خيارين: اللعب في الحواري أو الاعتزال المبكر.