كلام ويك إند
أحمد الحامد
* المواسم من نِعم الله، وتغيُّر الطقس من رحمته بنا، فحتى أجمل أيام الربيع، ستصبح مملَّةً لو أنها استمرَّت طوال العام.منذ دخول هذا الصيف، وأنا أجيب كلَّ مَن يتكلمون عن الحرارة المرتفعة بأن الأمر عادي، وأن الإنسان في حاجةٍ للحرارة في وقتٍ من السنة. بصراحةٍ، كنت أقمعهم أكثر من دعوتهم لتحمُّل الحرارة.بالأمس، وفي إحدى الدول الخليجية، لم أجد موقفًا قريبًا من الجامع، ولم أجد مكانًا لصلاة الجمعة داخله فقد كان الازدحام شديدًا، فصلَّيت مع البقية المتأخرة خارج الجامع. كانت الشمس عموديةً، وصادف ذلك أنني ومجموعةٌ أخرى كنا نصلي في مكانٍ لا ظلَّ فيه. أثناء عودتي إلى السيارة، كنت أرى عصافيرَ تطير أمامي! كنت أعلم أنها غير موجودةٍ، لكنني كنت أراها! ثم أصبحت، ودون إرادةٍ مني، أسير مائلًا! والحمد لله، أنني وصلت إلى السيارة، وأدرت التكييف على أعلى درجةٍ. بعد أن ملأتني البرودة، وشعرت بالراحة، تذكَّرت ما كنت أقوله للأصدقاء والزملاء عن حاجتنا إلى الحرارة المرتفعة، وفهمت أنني كنت أعبِّر عن رأيي تحت درجة 23، وهي درجة حرارة المكتب. تذكَّرت كل الموظفين والعمال الذين يعملون في ظروف طقسٍ قاسيةٍ سواء كانت حارَّةً، أو باردةً. مثل هؤلاء أبطالٌ حقيقيون، أبطالٌ منسيون.* شاهدت الأطفال يجتمعون حول ماكينة الآيسكريم، كانوا يملؤون البسكويت المخروطي بآيسكريم الفانيلا، ويأكلونه بعفويةٍ، وهم يتبادلون المزاح والضحكات. صارت عندي رغبةٌ شديدةٌ، وملحَّةٌ لتناول الآيسكريم. كان واضحًا أن جودته ممتازةٌ، لكنني وجدت نفسي في صراعٍ بين لساني وعقلي، فعقلي يسألني: كيف ستمدُّ لسانك لتأكل الآيسكريم في مكانٍ عامٍّ، وأنت في هذا العمر؟ بينما كان لساني يردِّد كلمات التوسُّل والاستجداء لأحقق رغبته بتذوُّق الآيسكريم. وصلت لحلٍّ وسطٍ بأن أشتري الآيسكريم، وأتناوله في السيارة. وافق اللسان فورًا، بينما صمت العقل، وعندما حاولت تطمينه بأن أحدًا لن يراني، كون سيارتي تقف في آخر الموقف بعيدًا على أعين الناس، هزَّ عقلي يديه ممتعضًا، وقال: «روح اشتر آيسكريم.. هي وقفت على هذي بس»!* هاروكي موراكامي: «أخطاؤك القديمة لا تخصُّك. هي نسخةٌ قديمةٌ لك. نسختك الحالية واعيةٌ أكثر، وناضجةٌ أكثر، وجميلةٌ أكثر، لا تعكِّر صفوها باجترار الماضي وهفوات الماضي».